” ماتت عابدة ” هذه هي أول كلمتين أجهش بهما ، وثيق حسن مرشد ، قبل أن يتوقف مليئاً محاولاً ترطيب حنجرة صلبها غبار النزوح المرابط على بوابة خيمته فضلاً عن وجع الفقر والفاقة ثم يواصل حديثه قائلاً :
” ماتت عابدة بين ذراعيّ ، ماتت وأنا أشوفها ، كان يكفي شريط علاج لا أملك قيمته إنه يخليها تعيش بس والله ما لقيت حق سيارة عشان انقلها للمستشفى “.
يتوقف والد عابدة عن الحديث وبعينين يلفهما السواد يتطلع نحو جهة مجهولة ، جهة لفظته منها الحرب حيث منزله في منطقة الكدحة – مديرية المعافر- جنوب غرب مدينة تعز اليمنية ، واضطرته للنزوح إلى منطقة القطنة في بني عمر مديرية الشمايتين ، ثم يسقط نظره إلى الأسفل ويشير بسبابته ويقول :
” هنا ماتت عابدة وأنا الفها بحضني “.
وثيق حسن مرشد هو والد عابدة التي ماتت ولم تبلغ الرابعة من عمرها وعلى مرأى من فقره ماتت إثر إسهال مائي دام أياماً متواصلة ، اضطر وثيق كغيره من سكان الكدحة للنزوح هرباً من اشتداد المعارك فنزح مع أمه وزوجته وأبنائه الأربعة كما صرح في البداية إلا أن السهو لم يضمد جرحه طويلاً ليعود ويصحح قائلاً :
” بدون عابدة يصبح عددهم ثلاثة ” جميعهم لا يستطيعون المشيء بسبب إعاقة خلقية أشبه بشلل ، ويقطنون الآن كغيرهم من النازحين في خيمة باليه قاربت التلاشي والتمزق بفعل ضربات الريح والشمس واكتضاضها بأُسرة كاملة.
مليارات الدولارات يلتهمها النزاع المسلح في بلد كاليمن يشهد تدهوراً صحياً واقتصادياً وتعليمياً بينما ماتت الطفلة عابدة وقيمة علاجهالا يتجاوز دولارين عجز والدها عن توفيرهما لينقذ حياة إبنته .
عابدة قبل وفاتها نموذج لـ 22 مليون يمني يحتاجون بشكل عاجل إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية من بينهم 8.4 مليون شخص يكافحون للحصول على وجبتهم التالية حسب الإحاطة الأخيرة لوكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة الطارئة ، مارك لوكوك ، بمجلس الأمن حول الوضع الإنساني في اليمن.
التعليقات :